للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَد. وَلِهَذَا كَانَ مَنْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَهُمَا كَانَ كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَوَابًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ: كَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا إفْرَادَ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا ذَلِكَ هُمْ الَّذِينَ رَوَوْا أَنَّهُ أَفْرَدَ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِتَحَلُّلِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَمَتِّعُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَلَا كَانَ فِي عَمَلِهِ زِيَادَةٌ عَلَى عَمَلِ الْمُفْرِدِ؛ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ عُمْرَةِ تَمَتُّعِهِ وَحَجِّهِ بِتَحَلُّلِ. وَلَمْ يَعْتَمِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ حَجَّتِهِ لَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ حَجُّوا مَعَهُ إلَّا عَائِشَةَ. فَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ جَمِيعِ النَّاسِ مُتَوَاتِرٌ تَوَاتُرًا يَعْرِفُهُ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ بِحَجَّتِهِ لَا يَتَنَازَعُونَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ حَجَّتِهِ. لَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ الَّذِي هُوَ التَّنْعِيمُ الَّذِي بُنِيَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ " مَسَاجِدَ عَائِشَةَ " وَلَا مِنْ غَيْرِ التَّنْعِيمِ.