وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا أَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ وَالْعُمْرَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ. فَإِنَّمَا مَعْنَاهَا أَنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ مُتَمَتِّعٍ سَاقَ الْهَدْيَ. وَهَذَا أَيْضًا قَارِنٌ فَتَسْمِيَتُهُ مُتَمَتِّعًا وَقَارِنًا سَوَاءٌ إذَا كَانَ قَدْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَهَذَا مُتَمَتِّعٌ وَهُوَ قَارِنٌ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ غَلِطَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَقَالَ: إنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَقَطْ وَلَمْ يَقْرِنْ بِهِ عُمْرَةً لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ أَوْ قَالَ: إنَّهُ أَحْرَمَ إحْرَامًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَقَبَهُ الْحَجُّ فَإِنَّهُ يُنْكِرُ أَنَّ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُبَيِّنَةِ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرَ عَائِشَةَ عَقِبَ الْحَجِّ. وَلِهَذَا كَانَ هَذَا حُجَّةً قَاطِعَةً عَلَى مَا لَمْ يَتَنَازَعْ فِيهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ سَقَطَ عَنْهُ بِذَلِكَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ سَوَاءٌ قِيلَ بِوُجُوبِهَا أَوْ بِتَوْكِيدِ اسْتِحْبَابِهَا دُونَ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّ {الصَّحَابَةَ الَّذِينَ حَجُّوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ هَكَذَا فَعَلُوا وَأَخْبَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعُمْرَةَ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالُوا لَهُ: أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا؟ أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: بَلْ لِلْأَبَدِ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} . قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute