للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ رَوَى مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَرَادُوا بِذَلِكَ بَيَانَ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ لِعُمْرَةِ التَّمَتُّعِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ جُمْهُورَ أَصْحَابِهِ وَهُمْ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا سَاقُوا الْهَدْيَ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ الْمُتَوَاتِرَةَ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ حِينَ قَدِمُوا مَكَّةَ فَطَافُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِهِمْ وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلَّا مِنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ عَمَلًا بِمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ يَتَنَازَعْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ كَانَتْ هَكَذَا. ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَصَارَ يَظُنُّ قَوْمٌ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ وَرُوِيَ أَيْضًا مَنْ رَوَى مِنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ: أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ؛ لِيُزِيلُوا بِذَلِكَ ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَأَخْبَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بَلْ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَعَمَلِ مَا يَعْمَلُهُ الْمُفْرِدُ. فَرِوَايَاتُ الصَّحَابَةِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى هَذَا. وَكُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ رَوَى الْإِفْرَادَ فَقَدْ رَوَى التَّمَتُّعَ وَفَسَّرُوا التَّمَتُّعَ بِالْقِرَانِ وَرَوَوْا عَنْهُ صَرِيحًا {أنه قَالَ: لَبَّيْكَ