للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ} وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسِهِ لَفْظًا يُخَالِفُ هَذَيْنِ أَلْبَتَّةَ؛ بَلْ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظًا بِإِحْرَامِهِ إلَّا هَذَا. وَكَذَلِكَ {قَالَتْ عَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فليهل بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ} . وَأَمَّا {قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً} فَهَذَا أَيْضًا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مَعَ سَوْقِ الْهَدْيِ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً إذَا لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِالْإِحْلَالِ وَهُمْ الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ كَرِهُوا أَنْ يَحِلُّوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَ الْحِلَّ فِي وَسَطِ الْإِحْرَامِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ تَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ يُوَافِقُهُمْ فِي الْفِعْلِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ. أَيْ: لَوْ كُنْت السَّاعَةَ مُبْتَدِئًا الْإِحْرَامَ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَلَأَحْرَمْت بِعُمْرَةِ أَحِلُّ مِنْهَا. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِمَنْ قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَسُوقَ الْهَدْيَ أَوْ يَتَمَتَّعَ تَمَتُّعَ قَارِنٍ أَوْ لَا يَسُوقُ الْهَدْيَ وَيَتَمَتَّعُ بِعُمْرَةِ وَيَحِلُّ مِنْهَا.