للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ هُوَ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا {قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ} . فَهُوَ حُكْمٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ عُدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ فَمَا اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ وَقَدْ اخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مَا فَعَلَ وَاخْتَارَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ مَا اسْتَدْبَرَ. وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ أَفْضَلَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مُطْلَقًا. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {لَوْ لَمْ أُبْعَثْ فِيكُمْ لَبُعِثَ فِيكُمْ عُمَرُ} فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ أَفْضَلُهُمْ لَوْ لَمْ يُبْعَثْ الرَّسُولُ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مَعَ بَعْثِ الرَّسُولِ؛ بَلْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَلَكِنَّ هَذَا بَيَّنَ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ إذَا كَانَ فِي تَنْوِيعِ الْأَعْمَالِ تَفَرُّقٌ وَتَشَتُّتٌ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَنْوِيعِهَا وَتَنْوِيعُهَا اخْتِيَارُ الْقَادِرِ الْمَفْضُولِ لِلْأَفْضَلِ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْمَفْضُولِ كَمَا اخْتَارَ مَنْ قَدَرَ عَلَى سَوْقِ الْهَدْيِ الْأَفْضَلَ. وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَوْقِهِ مَعَ السَّلَامَةِ عَنْ التَّفَرُّقِ وَمَعَ تَفَرُّقٍ يَعْقُبُهُ ائْتِلَافٌ هُوَ أَفْضَلُ. وَغَلِطَ أَيْضًا فِي " صِفَةِ حَجِّهِ " طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا: فَظَنُّوا أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مُفْرِدًا: يَعْنِي أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ مُفْرَدَةٍ وَلَمْ