يَعْتَمِرْ مَعَهَا أَصْلًا وَهَذَا خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ أَيْضًا وَخِلَافُ مَا تَوَاتَرَ فِي سُنَّتِهِ. ثُمَّ قَدْ يَغْلَطُ طَوَائِفُ مِنْ مُتَأَخَّرِيهِمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ مَكَّةَ وَلِهَذَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ قَوْلٌ مُعْتَبَرٌ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَمْرُهُ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ فِعْلِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِعَدَمِ الْإِحْلَالِ إنَّمَا كَانَ لِسُوَقِ الْهَدْيِ وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {أن حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ: مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك؟ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ} فَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ كَمَا رَوَى أَنَسٌ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى عُمْرَةً؛ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ عَمَلُ الْمُعْتَمِرِ؛ وَلِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْحِلِّ وَأَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَشَبَّهَتْهُ بِهِمْ. وَغَلِطَ أَيْضًا فِي " صِفَةِ حَجَّتِهِ " مَنْ غَلِطَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ: فَاعْتَقَدُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا بِمَعْنَى أَنَّهُ طَافَ وَسَعَى أَوَّلًا لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ طَافَ وَسَعَى ثَانِيًا لِلْحَجِّ قَبْلَ التَّعْرِيفِ وَكُلُّ مَنْ نَظَرَ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَطُفْ طَوَافَيْنِ وَلَا سَعَى سعيين وَلَا أَمَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ سَاقُوا الْهَدْيَ وَأَمَرَهُمْ بِالْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِمْ فَضْلًا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute