للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ تُوصَفُ بِالصَّلَاحِ؛ بَلْ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّهُ صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ} . وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ. فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ غَيْرِهَا لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُسْتَحَبَّ الصَّلَاةُ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَاِتِّخَاذُهَا مَسَاجِدَ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَقْرُونَةٌ بِالدُّعَاءِ؛ وَلِهَذَا لَا يَقُولُ مُسْلِمٌ إنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ كَأَعْطَانِ الْإِبِلِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ وَالْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ يَكُونُ الدُّعَاءُ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ فِي غَيْرِهِ؛ بَلْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: فَقَدْ رَاغَمَ الرَّسُولَ وَجَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الشِّرْكِ وَأَسْبَابِ الشِّرْكِ مُمَاثِلًا أَوْ مُفَضَّلًا عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّوْحِيدِ وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ. وَمِنْ هُنَا أَدْخَلَ أَهْلُ النِّفَاقِ فِي الْإِسْلَامِ مَا أَدْخَلُوهُ فَإِنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ دِينَ الرَّافِضَةِ كَانَ زِنْدِيقًا يَهُودِيًّا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَبْطَنَ الْكُفْرَ لِيَحْتَالَ فِي إفْسَادِ دِينِ الْمُسْلِمِينَ - كَمَا احْتَالَ بُولِصَ " فِي إفْسَادِ دِينِ النَّصَارَى - سَعَى فِي الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ وَفِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَسْتَجِيبُ لِلْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا تَفَرَّقَتْ الْأُمَّةُ ابْتَدَعَ مَا ادَّعَاهُ فِي الْإِمَامَةِ مِنْ النَّصِّ وَالْعِصْمَةِ وَأَظْهَرَ التَّكَلُّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَصَادَفَ ذَلِكَ قُلُوبًا فِيهَا جَهْلٌ وَظُلْمٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَافِرَةً؛ فَظَهَرَتْ بِدْعَةُ التَّشَيُّعِ الَّتِي هِيَ مِفْتَاحُ بَابِ الشِّرْكِ