للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَهُمْ دَفَنُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خِلَافَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ الدَّفْنِ فِي الصَّحْرَاءِ؛ لِئَلَّا يُصَلِّيَ أَحَدٌ عِنْدَ قَبْرِهِ وَيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَيُتَّخَذَ قَبْرُهُ وَثَنًا. وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ - لَمَّا كَانَتْ الْحُجْرَةُ النَّبَوِيَّةُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ - لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ إلَيْهِ لَا لِصَلَاةِ هُنَاكَ وَلَا تَمَسُّحٍ بِالْقَبْرِ وَلَا دُعَاءٍ هُنَاكَ. بَلْ هَذَا جَمِيعُهُ إنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ. وَكَانَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إذَا سَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادُوا الدُّعَاءَ دَعَوْا مُسْتَقْبَلِي الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَسْتَقْبِلُوا الْقَبْرَ.

وَأَمَّا الْوُقُوفُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَيْضًا وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ: بَلْ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ خَاصَّةً وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ الدُّعَاءِ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا حِكَايَةٌ مَكْذُوبَةٌ تُرْوَى عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ بِخِلَافِهَا.