وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَمَسَّحُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُقَبِّلُهُ. وَهَذَا كُلُّهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّوْحِيدِ. فَإِنَّ مِنْ أُصُولِ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ: اتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ كَمَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} قَالُوا: " هَؤُلَاءِ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ ثُمَّ صَوَّرُوا عَلَى صُوَرِهِمْ تَمَاثِيلَ ثُمَّ طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَعَبَدُوهَا " وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطبري وَغَيْرُهُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ وَذَكَرَهُ وَثِيمَةُ " وَغَيْرُهُ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى أُصُولِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي السَّفَرِ لِزِيَارَةِ الْمَشَاهِدِ الَّتِي عَلَى الْقُبُورِ: أَهْلُ الْبِدَعِ مَنَّ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ الَّذِينَ يُعَطِّلُونَ الْمَسَاجِدَ وَيُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ يَدْعُونَ بُيُوتَ اللَّهِ الَّتِي أَمَرَ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَيُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَيُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ الَّتِي يُشْرَكُ فِيهَا وَيُكَذَّبُ وَيُبْتَدَعُ فِيهَا دِينٌ لَمْ يُنَزِّلْ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ إنَّمَا فِيهِمَا ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ؛ دُونَ الْمَشَاهِدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute