فَهَذَا وَجْهُ مُتَمَسَّكِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي هَذَا السَّفَرِ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ. وَمِمَّنْ قَالَ بِحُرْمَتِهِ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالشَّيْخُ أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إلَى اخْتِيَارِهِ. وَمَا جَاءَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَدُّ رَحْلٍ وَإِعْمَالُ مَطِيٍّ جَمْعًا بَيْنَهُمَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ حَدِيثِ {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ} مُعَارِضًا لَهُ لِعَدَمِ مُسَاوَاتِهِ إيَّاهُ فِي الدَّرَجَةِ. لِكَوْنِهِ مِنْ أَعْلَى أَقْسَامِ الصَّحِيحِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ رَزِئَ وَضَيَّقَ عَلَى الْمُجِيبِ. وَهَذَا أَمْرٌ يَحَارُ فِيهِ اللَّبِيبُ وَيَتَعَجَّبُ مِنْهُ الْأَرِيبُ؛ وَيَقَعُ بِهِ فِي شَكٍّ مُرِيبٍ. فَإِنَّ جَوَابَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَاضٍ بِذِكْرِ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ. وَلَيْسَ حَاكِمًا بِالْغَضِّ مِنْ الصَّالِحِينَ وَالْأَنْبِيَاءَ. فَإِنَّ الْأَخْذَ بِمُقْتَضَى كَلَامِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّةِ رَفْعِهِ إلَيْهِ: هُوَ الْغَايَةُ الْقُصْوَى فِي تَتَبُّعِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَالْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ مَحْذُورٌ وَذَلِكَ مِمَّا لَا مِرْيَةَ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ حَرَجٍ عَلَى مَنْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَذَكَرَ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute