أَوْلَى وَأَحْرَى. وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ: لَا يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ إلَّا إلَى الثَّلَاثَةِ. إنْ جَعَلَ مَعْنَاهُ لَا يَجِبُ إلَّا إلَى الثَّلَاثَةِ وَأَرَادَ بِهِ الْوُجُوبَ بِالنَّذْرِ - كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ - فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: مَا سِوَى الثَّلَاثَةِ لَا يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ. وَمَنْ حَمَلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ نَفْيِ الْوُجُوبِ بِالنَّذْرِ فَقَوْلُهُمَا وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى فَإِذَا لَمْ يَجِبْ بِالنَّذْرِ إلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ وَجَبَ بِالنَّذْرِ السَّفَرُ إلَى الْمَسْجِدَيْنِ وَلَيْسَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ. فَعُلِمَ أَنَّ وُجُوبَهُ لِكَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا بِالشَّرْعِ. فَإِذَا لَمْ يَجِبْ إلَّا هَذَانِ مِمَّا لَيْسَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا إلَّا هَذَانِ. وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ لَا تُسَافِرُوا إلَى بُقْعَةٍ وَمَكَانٍ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ. أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى لَا يُسْتَحَبُّ إلَى مَكَانٍ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مَعْنَى كُلِّ مَنْ قَالَ: لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ إلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ. أَيْ لَا تُسَافِرُوا لِقَصْدِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالْبُقْعَةِ بِعَيْنِهِ؛ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقْصُودُ وَالْعِبَادَةُ فِي نَفْسِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ كَالسَّفَرِ إلَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ؛ بِخِلَافِ السَّفَرِ إلَى الثُّغُورِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ السَّفَرُ إلَى مَكَانِ الرِّبَاطِ. و " الثَّغْرُ " قَدْ يَكُونُ مَكَانًا ثُمَّ يَفْتَحُ الْمُسْلِمُونَ مَا جَاوَرَهُمْ فَيَنْتَقِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute