إلَى مَسْجِدِهِ وَفِيهِ يَفْعَلُونَ مَا يُشْرَعُ لَهُمْ أَوْ مَا يُكْرَهُ لَهُمْ. وَالسَّفَرُ إلَى مَسْجِدِهِ - لَمَّا شُرِعَ - سَفَرُ طَاعَةٍ وَقُرْبَةٍ بِالْإِجْمَاعِ؛ وَهُوَ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَالْمُجِيبُ قَدْ ذَكَرَ اسْتِحْبَابَ هَذَا السَّفَرِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْجَوَابِ وَبَيَّنَ مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ السَّفَرِ إلَى مَسْجِدِهِ وَزِيَارَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيَّنَ مَا لَمْ يُشْرَعْ مِنْ السَّفَرِ إلَى زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِهِ مِمَّا فِي قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّ السَّفَرَ إلَى هُنَاكَ لَيْسَ هُوَ سَفَرٌ إلَى مَسْجِدٍ شُرِعَ السَّفَرُ إلَيْهِ بَلْ الْمَسَاجِدُ الَّتِي هُنَاكَ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُشْرَعُ بِنَاؤُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ - كَجَوَامِعِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي فِي الْأَمْصَارِ - فَهَذِهِ لَيْسَ السَّفَرُ إلَيْهَا قُرْبَةً وَلَا طَاعَةً؛ لَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا عَامَّةِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالسَّفَرُ إلَيْهَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ} بِاتِّفَاقِ النَّاسِ. فَإِنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُفْرَغٌ. وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُقَالَ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ} إلَى مَسْجِدٍ {إلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ} فَيَكُونُ نَهْيًا عَنْهَا بِاللَّفْظِ وَنَهْيًا عَنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ الَّتِي يُعْتَقَدُ فَضِيلَتُهَا بِالتَّنْبِيهِ وَالْفَحْوَى وَطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ وَالْعِبَادَةَ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْعِبَادَةِ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فَإِذَا كَانَ السَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْفَاضِلَةِ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَالسَّفَرُ إلَى المفضولة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute