للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُولُ: إنَّ إفْرَادَ الْعُمْرَةِ بِسَفَرِ وَالْحَجِّ بِسَفَرِ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - فِيمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - أَنَّ عُمْرَةً كُوفِيَّةً أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَا زَالُوا يُسَافِرُونَ إلَى مَسْجِدِهِ وَلَا يُسَافِرُونَ إلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ: كَقَبْرِ مُوسَى وَقَبْرِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهُ سَافَرَ إلَى قَبْرِ الْخَلِيلِ مَعَ كَثْرَةِ مَجِيئِهِمْ إلَى الشَّامِ وَالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ. فَكَيْفَ يُجْعَلُ السَّفَرُ إلَى مَسْجِدِ الرَّسُولِ الَّذِي يُسَمِّيهِ بَعْضُ النَّاسِ زِيَارَةً لِقَبْرِهِ مِثْلَ السَّفَرِ إلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِعُ: أَنَّ السَّفَرَ الْمَشْرُوعَ إلَى مَسْجِدِهِ يَتَضَمَّنُ أَنْ يُفْعَلَ فِي مَسْجِدِهِ مَا كَانَ يُفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ وَحَيَاةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ: مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَسَائِرِ الْبِقَاعِ. وَإِنْ كَانَ مَسْجِدُهُ أَفْضَلَ. فَالْمَشْرُوعُ فِيهِ عِبَادَةٌ لِلَّهِ مَأْمُورٌ بِهَا وَأَمَّا الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ سَافَرَ إلَى قَبْرِ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نَوْعِ الشِّرْكِ كَدُعَائِهِمْ وَطَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ وَاِتِّخَاذِ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ وَأَعْيَادًا وَأَوْثَانًا. وَهَذَا مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ عِنْدَ قَبْرِهِ مِثْلَ هَذَا.