قُلْت لَك: أَمَّا عِنْدُ الْقَبْرِ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَجَابَ دَعْوَتَهُ حَيْثُ قَالَ: {اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ.} . وَأَمَّا فِي مَسْجِدِهِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ الْجُهَّالِ وَأَمَّا مَنْ يَعْلَمُ شَرْعَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا شُرِعَ وَهَؤُلَاءِ يَنْهَوْنَ أُولَئِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَلَا يَجْتَمِعُ الزُّوَّارُ عَلَى الضَّلَالِ وَأَمَّا قَبْرُ غَيْرِهِ فَالْمُسَافِرُونَ إلَيْهِ كُلُّهُمْ جُهَّالٌ ضَالُّونَ مُشْرِكُونَ وَيَصِيرُونَ عِنْدَ نَفْسِ الْقَبْرِ؛ وَلَا أَحَدَ هُنَاكَ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ. الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ قَبْرُهُ مَعْلُومٌ مُتَوَاتِرٌ؛ بِخِلَافِ قَبْرِ غَيْرِهِ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَفِظَ عَامَّةَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ بِبَرَكَةِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ النَّاسُ مَعَ ظُهُورِ دِينِهِ أَنْ يَتَّخِذُوا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ كَمَا أَظْهَرَ مِنْ الْإِيمَانِ بِنُبُوَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَاءُوا بِهِ: مِنْ إعْلَانِ ذِكْرِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ وَالتَّصْدِيقِ لِأَقْوَالِهِمْ وَالِاتِّبَاعِ لِأَعْمَالِهِمْ: مَا لَمْ يَكُنْ هَذَا لِأُمَّةِ أُخْرَى. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ تَصْدِيقُهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا وَطَاعَتُهُمْ فِيمَا أَمَرُوا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِيمَا فَعَلُوا وَحُبُّ مَا كَانُوا يُحِبُّونَهُ وَبُغْضُ مَا كَانُوا يُبْغِضُونَهُ وَمُوَالَاةُ مَنْ يُوَالُونَهُ وَمُعَادَاةُ مَنْ يُعَادُونَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ أَخْبَارِهِمْ. وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ مِنْ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَهَذَا أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي الْقُلُوبِ مَذْكُورٌ بِالْأَلْسِنَةِ؛ وَأَمَّا نَفْسُ الْقَبْرِ فَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute