للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي رُؤْيَتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ بَلْ أَهْلُ الضَّلَالِ يَتَّخِذُونَهَا أَوْثَانًا كَمَا كَانَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَتَّخِذُونَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ. فَبِبَرَكَةِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ ذِكْرِهِمْ وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَتَنْتَفِعُ بِهِ الْعِبَادُ. وَأَبْطَلَ مَا يَضُرُّ الْخَلْقَ مِنْ الشِّرْكِ بِهِمْ وَاِتِّخَاذِ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ كَمَا كَانُوا يَتَّخِذُونَهَا فِي زَمَنِ مَنْ قَبْلَنَا. وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ قَبْرُ نَبِيٍّ ظَاهِرٌ يُزَارُ؛ لَا بِسَفَرِ وَلَا بِغَيْرِ سَفَرٍ. لَا قَبْرُ الْخَلِيلِ وَلَا غَيْرُهُ. وَلَمَّا ظَهَرَ بتستر " قَبْرُ دَانْيَالَ " وَكَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهِ كَتَبَ فِيهِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ فَكَتَبَ إلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْفِرَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا وَيَدْفِنُهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَيُعْفِي الْقُبُورَ كُلَّهَا لِئَلَّا يَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ. وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَمِمَّنْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بَكْرٍ فِي " زِيَادَاتِ مَغَازِي ابْنِ إسْحَقَ " عَنْ أَبِي خلدة خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ قَالَ: لَمَّا فَتَحْنَا " تُسْتَرَ " وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالِ الْهُرْمُزَانِ سَرِيرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ لَهُ فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ فَحَمَلْنَاهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَأَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ قَرَأَهُ: قَرَأْته مِثْلَمَا أَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَذَا. فَقُلْت: لِأَبِي الْعَالِيَةِ: مَا كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: سِيرَتُكُمْ وَأُمُورُكُمْ وَلُحُونُ كَلَامِكُمْ وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ