قَدْ يَكُونُ فَرْضًا وَقَدْ يَكُونُ سُنَّةً: مِثْلَ إتْيَانِهَا لِلْجُمْعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السَّفَرَ إلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ بِفَرْضِ وَلَا سُنَّةٍ فَهَكَذَا زِيَارَةُ الْقُبُورِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ سُنَّةٌ وَالسَّفَرُ إلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْضِ وَلَا سُنَّةٍ عِنْدَ الطَّائِفَتَيْنِ. وَالْمُجِيبُ لَمْ يَذْكُرْ لِنَفْسِهِ فِي الْجَوَابِ قَوْلًا؛ بَلْ حَكَى أَقْوَالَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَدِلَّتَهُمْ وَهَؤُلَاءِ نَقَلُوا عَنْهُ مَا لَمْ يَقُلْهُ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا لَا يُنَازَعُ فِيهِ وَأَخْطَئُوا فِيمَا نَقَلُوهُ وَفَهِمُوهُ مِنْ كَلَامِ مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ وَفِيمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا وَلَكِنَّ مَقْصُودَ هَذَا الْوَجْهِ: أَنَّ الَّذِي كَتَبَ عَلَى الْجَوَابِ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ هُوَ الْقَائِلُ وَأَنَّهُ قَالَ: إنَّ زِيَارَةَ الْأَنْبِيَاءِ بِدْعَةٌ وَهَذَا بَاطِلٌ عَنْهُ. وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى النَّقْلِ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السَّفَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لَيْسَ بِفَرْضِ وَلَا سُنَّةٍ وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا السَّفَرَ إلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ سُنَّةً سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّ لِأُمَّتِهِ السَّفَرَ لِذَلِكَ وَلَا قَالَ عُلَمَاءُ شَرِيعَتِهِ إنَّ السَّفَرَ إلَيْهَا سُنَّةٌ. فَقَدْ حَكَمُوا بِمَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَهَذَا الْحُكْمُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُجِيبَ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ - فِيمَنْ لَمْ يُسَافِرْ إلَّا إلَى الْقُبُورِ وَلَمْ يَقْصِدْ مَعَ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ - قَوْلَ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute