للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلَ مَنْ حَرَّمَهُ. وَهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى رَدِّ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ الْمُجِيبُ بَلْ قَالُوا: وَهَذَا الْمُفْتِي الْمَذْكُورُ يَنْبَغِي أَنْ يُزْجَرَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْفَتَاوَى الْبَاطِلَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَتَى مَا بَطَلَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوَابِ بِالْقَوْلَيْنِ تَعَيَّنَ جَعْلُ السَّفَرِ سُنَّةً مُسْتَحَبَّةً. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِنَقْلِ مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّفَرِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِنَقْلِ مَنْ نَقَلَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ زِيَارَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا وَسُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا. وَهَؤُلَاءِ نَقَلُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى الزِّيَارَةِ لَا عَلَى السَّفَرِ لِمُجَرَّدِ الْقَبْرِ. وَلَوْ نَقَلُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى السَّفَرِ لِلزِّيَارَةِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَ الْمَسْجِدَ وَالْقَبْرَ لَا يَقْصِدُ الْقَبْرَ دُونَ الْمَسْجِدِ إلَّا جَاهِلٌ وَإِذَا قَصَدَ الزَّائِرُ الْمَسْجِدَ وَالْقَبْرَ جَمِيعًا فَالْمُجِيبُ لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا فِيمَنْ لَمْ يُسَافِرْ إلَّا لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالْجَوَابُ لَمْ يَكُنْ فِي خُصُوصِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ كَانَ فِي جِنْسِ الْقُبُورِ. وَجَعَلُوا ذَلِكَ إجْمَاعًا عَلَى السَّفَرِ إلَى سَائِرِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ الْمُجِيبَ فَرَّقَ بَيْنَ الزِّيَارَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا وَبَيْنَ مَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ وَمَا نَقَلُوهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ لَا يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الْمُجِيبُ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَيْهِ وَهُمْ جَعَلُوهُ حُجَّةً