وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ سَلَامَ التَّحِيَّةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ فِي الْمَحْيَا وَفِي الْمَمَاتِ إذَا زَارَ قَبْرَ الْمُسْلِمِ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُسْلِمٍ لِكُلِّ مَنْ لَقِيَهُ حَيًّا أَوْ زَارَ قَبْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ. فَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا السَّلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ الَّذِي قَالَ فِيهِ: {مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ} لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَلَا فِيهِ فَضِيلَةٌ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ. بَلْ هُوَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُسْلِمٍ " حَيٍّ وَمَيِّتٍ. وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَرُدُّ السَّلَامَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَهَذَا لَيْسَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ بَلْ إذَا لَقِيَهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَهَكَذَا إذَا زَارَ الْقَبْرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمَيِّتِ. لَا أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ قَطْعَ الْمَسَافَةِ وَاللِّقَاءِ لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ هُوَ مِنْ السَّلَامِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَمَنْ سَلَّمَ يُسَلِّمُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إذَا صَلَّى عَلَيْهِ عَشْرًا. فَهُوَ الْمَشْرُوعُ الْمَأْمُورُ بِهِ الْأَفْضَلُ الْأَنْفَعُ الْأَكْمَلُ الَّذِي لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ. وَذَاكَ جَهْدٌ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ لِمُجَرَّدِهِ؛ بَلْ قَصْدُ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالدُّعَاءِ هُوَ اتِّخَاذٌ لَهُ عِيدًا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا} . فَلِهَذَا كَانَ الْعَمَلُ الشَّائِعُ فِي الصَّحَابَةِ - الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ - أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مَسْجِدَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute