صَوَاحِبَاتِهَا بِالْبَقِيعِ وَلَا تُدْفَنَ هُنَاكَ. فَعَلَتْ هَذَا تَوَاضُعًا أَنْ تُزَكَّى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلِهَذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا فَعَلَهُ الْوَلِيدُ هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَوْ مَكْرُوهٌ إلَّا التَّابِعُونَ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَمْثَالِهِ. وَكَانَ سَعِيدٌ إذْ ذَاكَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَيُّ التَّابِعِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. فَقِيلَ لَهُ: فَعَلْقَمَةُ وَالْأُسُودُ؟ فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَعَلْقَمَةُ وَالْأُسُودُ هَذَانِ كَانَا قَدْ مَاتَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ دَخَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ. وَكَانَ الْمَسْجِدُ قَبْلَ دُخُولِ الْحُجَرِ فِيهِ فَاضِلًا وَكَانَتْ فَضِيلَةُ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّي فِيهِ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَفُضِّلَ بِبِنَائِهِ لَهُ. قُلْت قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي أَقَامَ قِبْلَتَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبِأَنَّهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَقْصِدُ فِيهِ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ إلَى أَنْ مَاتَ وَمَا صَلَّى جُمْعَةً بِغَيْرِهِ قَطُّ لَا فِي سَفَرِهِ وَلَا فِي مُقَامِهِ. وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَكَانَ يُصَلِّيهَا حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ.
وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بِأَنْ نُصَدِّقَهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَنُطِيعَهُ فِي كُلِّ مَا أَوْجَبَهُ وَأَمَرَ بِهِ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِهِ إلَّا بِهَذَا وَهَذَا. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ الَّتِي يُشْرَعُ لَنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فَمَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِبَاحَةِ نَفْعَلُهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute