كَانَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْجُمْعَةَ لَا تُصَلَّى فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا نِزَاعٌ شَاذٌّ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْعِيدَ أَيْضًا لَا يَكُونُ إلَّا حَيْثُ تَكُونُ الْجُمْعَةُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَمْ يُصَلِّ عِيدًا فِي السَّفَرِ وَلَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِهِ إلَّا عِيدًا وَاحِدًا. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُصَلِّي الْعِيدَ مُنْفَرِدًا. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ. وَلِهَذَا صَارَ الْمُسْلِمُونَ بِمِنًى يَرْمُونَ ثُمَّ يَذْبَحُونَ النُّسُكَ اتِّبَاعًا لِسُنَّتِهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ كَانَ عِبَادَةً تُفْعَلُ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ وَمَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً وَلَا مُسْتَحَبًّا. وَمَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعَبُّدِ بِهِ كَانَ مُبَاحًا. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَسْتَحِبُّ مُشَابَهَتَهُ فِي هَذَا فِي الصُّورَةِ كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: إنَّمَا تَكُونُ الْمُتَابَعَةُ إذَا قَصَدْنَا مَا قَصَدَ وَأَمَّا الْمُشَابَهَةُ فِي الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةٍ فِي الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ فَلَا تَكُونُ مُتَابَعَةً. فَمَا فَعَلَهُ عَلَى غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَابَعَةِ؛ بَلْ مُخَالَفَةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ {قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ سَأَلَهُ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ فَقَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ثُمَّ حَيْثُ مَا أَدْرَكَتْك الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ} . وَرُوِيَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute