للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّحِيحِ: {فَإِنَّ فِيهِ الْفَضْلَ} . فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِمَكَانِ فَتَرَكُوا الصَّلَاةَ فِيهِ وَذَهَبُوا إلَى مَكَانٍ آخَرَ لِكَوْنِهِ فِيهِ أَثَرٌ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ خَالَفُوا السُّنَّةَ. وَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْمًا يَنْتَابُونَ مَكَانًا صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: وَمَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِكُمْ مَسَاجِدَ؟ إنَّمَا هَلَكَ بَنُو إسْرَائِيلَ بِمِثْلِ هَذَا فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَلْيُصَلِّ فِيهِ وَإِلَّا فَلْيَذْهَبْ. فَمَسْجِدُهُ الْمُفَضَّلُ لَمَّا كَانَ يُفَضِّلُ الصَّلَاةَ فِيهِ كَانَ مُسْتَحَبًّا فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ: {صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} وَقَالَ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا} وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ فِيهِ الْحُجْرَةُ: بَلْ كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِيهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ صَلَّى فِيهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ بَعْدَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ فِيهِ صَارَ أَفْضَلَ مِمَّا كَانَ فِي حَيَاتِهِ وَحَيَاةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ. بَلْ الْفَضِيلَةُ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَزْمِنَةُ وَالرِّجَالُ فَزَمَنُهُ وَزَمَنُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَفْضَلُ وَرِجَالُهُ أَفْضَلُ. فَالْمَسْجِدُ حِينَئِذٍ قَبْلَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ فِيهِ كَانَ أَفْضَلَ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأُمُورُ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ