للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجْعَلُوا الرَّغْبَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} وَهَذَا لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَمْلِكُ لِلْمَخْلُوقِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا. وَهَذَا عَامٌّ فِي أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} . قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ كَالْمَسِيحِ وَعُزَيْرَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كَانَ قَوْمٌ مِنْ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ قَوْمًا مِنْ الْجِنِّ فَأَسْلَمَ الْجِنُّ وَبَقِيَ أُولَئِكَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ. فَالْآيَةُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ دَعَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ هُوَ صَالِحٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ قَالَ تَعَالَى: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَعَوْتُمُوهُمْ {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ يَطْلُبُونَ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وَالتَّزَلُّفَ إلَيْهِ وَأَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةُ حَالِهِمْ. وَالضَّمِيرُ فِي (رَبِّهِمْ لِلْمُبْتَغِينَ أَوْ لِلْجَمِيعِ. و (الْوَسِيلَةُ هِيَ الْقُرْبَةُ وَسَبَبُ الْوُصُولِ إلَى الْبُغْيَةِ وَتَوَسَّلَ الرَّجُلُ إذَا طَلَبَ الدُّنُوَّ وَالنَّيْلَ لِأَمْرِ مَا وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: