{مَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ} الْحَدِيثُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ذَكَرَ سَائِرَ الْمُفَسِّرِينَ نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ بَرَزَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَقَالَ: و {أَيُّهُمْ} ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ {أَقْرَبُ} و {أُولَئِكَ} يُرَادُ بِهِمْ الْمَعْبُودُونَ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ {يَبْتَغُونَ} . وَالضَّمِيرُ فِي {يَدْعُونَ} لِلْكُفَّارِ وَفِي {يَبْتَغُونَ} لِلْمَعْبُودِينَ. وَالتَّقْدِيرُ نَظَرُهُمْ وَذِكْرُهُمْ {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} . وَهَذَا كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الرَّايَةِ بِخَيْبَرِ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا أَيْ يَتَبَارَوْنَ فِي طَلَبِ الْقُرْبِ. قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَطَفَّفَ الزَّجَّاجُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَأَمَّلْهُ. وَلَقَدْ صَدَقَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّجَّاجَ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} وَجْهَيْنِ كِلَاهُمَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ وَتَابَعَهُ المهدوي والبغوي وَغَيْرُهُمَا. وَلَكِنَّ ابْنَ عَطِيَّةَ كَانَ أَقْعَدَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعَانِي مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَخْبَرَ بِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَالْبَصْرِيِّينَ فَعَرَفَ تَطْفِيفَ الزَّجَّاجِ مَعَ عِلْمِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَسَبْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِمَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ. وَأُولَئِكَ لَهُمْ بَرَاعَةٌ وَفَضِيلَةٌ فِي أُمُورٍ يَبْرُزُونَ فِيهَا عَلَى ابْنِ عَطِيَّةَ. لَكِنَّ دِلَالَةَ الْأَلْفَاظِ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ هُوَ بِهَا أَخْبَرُ وَإِنْ كَانُوا هُمْ أَخْبَرَ بِشَيْءِ آخَرَ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ أَوْ غَيْرِهَا. وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الْمَسِيحَ وَإِنْ كَانَ رَسُولًا كَرِيمًا فَإِنَّهُ عَبَدَ اللَّهَ فَمَنْ عَبَدَهُ فَقَدْ عَبَدَ مَا لَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّهُ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute