للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جِنْسُهُ مُبَاحًا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنِكَاحٍ وَلِبَاسٍ وَرُكُوبٍ وَأَمْوَالٍ: إذَا وَقَعَ فِيهَا الِاخْتِصَاصُ حَصَلَ الظُّلْمُ؛ وَالْبُخْلُ وَالْحَسَدُ. وَأَصْلُهُمَا الشُّحُّ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ: أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا؛ وَأَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا؛ وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا} . وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ الْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ الْمُهَاجِرِينَ: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} أَيْ: لَا يَجِدُونَ الْحَسَدَ مِمَّا أُوتِيَ إخْوَانُهُمْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ؛ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} . وَرُئِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَقُولُ: رَبِّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي رَبِّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا وُقِيت شُحَّ نَفْسِي فَقَدْ وُقِيت الْبُخْلَ وَالظُّلْمَ وَالْقَطِيعَةَ أَوْ كَمَا قَالَ. فَهَذَا الشُّحُّ الَّذِي هُوَ شِدَّةُ حِرْصِ النَّفْسِ يُوجِبُ الْبُخْلَ بِمَنْعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ؛ وَالظُّلْمِ بِأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ. وَيُوجِبُ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ؛ وَيُوجِبُ الْحَسَدَ؛ وَهُوَ: كَرَاهَةُ مَا أَخْتَصَّ بِهِ الْغَيْرُ وَالْحَسَدُ فِيهِ بُخْلٌ وَظُلْمٌ؛ فَإِنَّهُ بُخْلٌ بِمَا أُعْطِيهِ غَيْرُهُ؛ وَظُلْمُهُ بِطَلَبِ زَوَالِ ذَلِكَ عَنْهُ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي جِنْسِ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ؛ فَكَيْفَ بِالْمُحَرَّمَةِ: