مَقْصُودُهُ وَفَائِدَتُهُ فِي مُسَمَّاهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فَيُقَالُ: فُلَانٌ يَسْمَعُ لِفُلَانِ: أَيْ يُطِيعُهُ فِي أَمْرِهِ أَوْ يُصَدِّقُهُ فِي خَبَرِهِ. وَفُلَانٌ لَا يَسْمَعُ مَا يُقَالُ لَهُ: أَيْ لَا يُصَدِّقُ الْخَبَرَ وَلَا يُطِيعُ الْأَمْرَ كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ السَّمْعَ عَنْ الْكُفَّارِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ} وَذَلِكَ لِأَنَّ سَمْعَ الْحَقِّ يُوجِبُ قَبُولُهُ إيجَابَ الْإِحْسَاسِ الْحَرَكَةَ وَإِيجَابُ عِلْمِ الْقَلْبِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ فَإِنَّ الشُّعُورَ بِالْمُلَائِمِ يُوجِبُ الْحَرَكَةَ إلَيْهِ وَالشُّعُورُ بِالْمُنَافِرِ يُوجِبُ النُّفْرَةَ عَنْهُ فَحَيْثُ انْتَفَى مُوجِبُ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ مَبْدَئِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} . وَلِهَذَا جَعَلَ سَمْعَ الْكُفَّارِ بِمَنْزِلَةِ سَمْعِ الْبَهَائِمِ لِأَصْوَاتِ الرُّعَاةِ أَيْ يَسْمَعُونَ مُجَرَّدَ الْأَصْوَاتِ سَمْعَ الْحَيَوَانِ لَا يَسْمَعُونَ مَا فِيهَا - مِنْ تَأْلِيفِ الْحُرُوفِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْمَعَانِي - السَّمْعَ الَّذِي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِالْقَلْبِ مَعَ الْجِسْمِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} يَقُولُ: هُمْ يَسْتَجِيبُونَ {لِقَوْمٍ آخَرِينَ} وَأُولَئِكَ {لَمْ يَأْتُوكَ} وَأُولَئِكَ {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} يَقُولُونَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَتَوْك: {إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} كَمَا ذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute