الْآيَةِ: أَنَّهُمْ قَالُوا فِي حَدِّ الزِّنَا وَفِي الْقَتْلِ: اذْهَبُوا إلَى هَذَا النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ فَإِنْ حَكَمَ لَكُمْ بِمَا تُرِيدُونَهُ فَاقْبَلُوهُ وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِهِ فَأَنْتُمْ قَدْ تَرَكْتُمْ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَفَلَا تَتْرُكُونَ حُكْمَهُ. فَهَذَا هُوَ اسْتِمَاعُ الْمُتَحَاكِمِينَ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوهُ؛ وَلَوْ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْجَاسُوسِ لَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ بِالسَّمَاعِ؛ بَلْ يَرَوْنَ وَيَسْمَعُونَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَنْقُلُونَ إلَى شَيَاطِينِهِمْ مَا رَأَوْهُ وَسَمِعُوهُ؛ لَكِنَّ هَذَا مِنْ تَوَابِعِ كَوْنِهِمْ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ وَيُوَالُونَهُمْ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} أَيْ: لَأَسْرَعُوا بَيْنَكُمْ يَطْلُبُونَ الْفِتْنَةَ بَيْنَكُمْ ثُمَّ قَالَ: وَفِيكُمْ مُسْتَجِيبُونَ لَهُمْ إذَا أَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ؛ وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى وَفِيكُمْ مَنْ تَجَسَّسَ لَهُمْ: لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا؛ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ: أَنَّهُمْ إذَا أَوْضَعُوا بَيْنَكُمْ يَطْلُبُونَ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ مَنْ يَسْمَعُ مِنْهُمْ: حَصَلَ الشَّرُّ. وَأَمَّا الْجَسُّ فَلَمْ يَكُونُوا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فَإِنَّهُمْ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ يُوضَعُونَ خِلَالَهُمْ. مِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} فَذَكَرَ مَا يَدْخُلُ فِي آذَانِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ مِنْ الْكَلَامِ وَمَا يَدْخُلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَبُطُونِهِمْ مِنْ الطَّعَامِ: غِذَاءِ الْجُسُومِ وَغِذَاءِ الْقُلُوبِ فَإِنَّهُمَا غِذَاءَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute