للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَحَقِيقَةُ الْآيَةِ: إنْ كَانَ مُسْتَجِيبًا لِقَوْمِ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ كَالْمُعَاهِدِ: مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ وَغَيْرِهِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى أُمَرَائِهِ وَعُلَمَائِهِ فِي دَارَهِمَ وَكَالذِّمِّيِّ الَّذِي إنْ حَكَمَ لَهُ بِمَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى أَكَابِرِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ فَيَكُونُ مُتَخَيَّرًا بَيْنَ الطَّاعَةِ لِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبَيْنَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُطِيعًا لِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَيْسَ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ كَالْمَظْلُومِ الَّذِي يَطْلُبُ نَصْرَهُ مِنْ ظَالِمِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَنْصُرُهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ. فَهَذَا: لَيْسَ فِي الْآيَةِ تَخْيِيرٌ. وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الذِّمَّةِ قَدْ أَوْجَبَ نَصْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَنَصْرُهُ مِمَّنْ يَظْلِمُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْلَى أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُتَحَاكِمُ إلَى الْحَاكِمِ وَالْعَالِمِ: مِنْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَتَخَيَّرُونَ بَيْنَ الْقَبُولِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبَيْنَ تَرْكِ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ. وَهَذَا مِنْ حُجَّةِ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ الَّذِينَ كَانُوا لَا يُحَدِّثُونَ الْمُعْلِنِينَ بِالْبِدَعِ بِأَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: مَنْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ فِي اسْتِفْتَائِهِ وَحُكُومَتِهِ الْحَقَّ بَلْ غَرَضُهُ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى هَوَاهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا. فَهَذَا سَمَاعٌ لِغَيْرِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا بَعَثَ رَسُولَهُ