للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَصْلَحَ مِنْهُ فِي الْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ؛ وَمَعَ هَذَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي: لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. نَهَى أَبَا ذَرٍّ عَنْ الْإِمَارَةِ وَالْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ رَآهُ ضَعِيفًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى: {مَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ} . وَأَمَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً عَمْرَو بْنَ العاص فِي غَزْوَةِ " ذَاتِ السَّلَاسِلِ - اسْتِعْطَافًا لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إلَيْهِمْ - عَلَى مَنْ هُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَأَمَّرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ؛ لِأَجْلِ طَلَبِ ثَأْرِ أَبِيهِ. كَذَلِكَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَكُونُ مَعَ الْأَمِيرِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ. وَهَكَذَا أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا زَالَ يَسْتَعْمِلُ خَالِدًا فِي حَرْبِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَفِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَبَدَتْ مِنْهُ هَفَوَاتٌ كَانَ لَهُ فِيهَا تَأْوِيلٌ وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى فَلَمْ يَعْزِلْهُ مِنْ أَجْلِهَا؛ بَلْ عَاتَبَهُ عَلَيْهَا؛ لِرُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ فِي بَقَائِهِ وَأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ الْكَبِيرَ إذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ؛ وَإِذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ