يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ؛ لِيَعْتَدِلَ الْأَمْرُ. وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ اسْتِنَابَةَ خَالِدٍ؛ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ عَزْلَ خَالِدٍ وَاسْتِنَابَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ خَالِدًا كَانَ شَدِيدًا كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ لَيِّنًا كَأَبِي بَكْرٍ؛ وَكَانَ الْأَصْلَحُ لِكُلِّ مِنْهُمَا أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ وَلَّاهُ؛ لِيَكُونَ أَمْرُهُ مُعْتَدِلًا وَيَكُونَ بِذَلِكَ مِنْ خُلَفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ مُعْتَدِلٌ؛ حَقًّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ أَنَا نَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ} وَقَالَ: {أَنَا الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ} . وَأُمَّتُهُ وَسَطٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} وَقَالَ تَعَالَى: {أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ} . وَلِهَذَا لَمَّا تَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَارَا كَامِلَيْنِ فِي الْوِلَايَةِ وَاعْتَدَلَ مِنْهُمَا مَا كَانَ يُنْسَبَانِ فِيهِ إلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لِينِ أَحَدِهَا وَشِدَّةِ الْآخَرِ حَتَّى قَالَ فِيهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اقْتَدُوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ} . وَظَهَرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ شَجَاعَةِ الْقَلْبِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَغَيْرِهِمْ: مَا بَرَزَ بِهِ عَلَى عُمَرَ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. وَإِذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ فِي الْوِلَايَةِ إلَى الْأَمَانَةِ أَشَدَّ قُدِّمَ الْأَمِينُ: مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute