كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدَهَا} . فَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عِبْرَةٌ؛ فَإِنَّ أَشْرَفَ بَيْتٍ كَانَ فِي قُرَيْشٍ بَطْنَانِ؛ بَنُو مَخْزُومٍ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ. فَلَمَّا وَجَبَ عَلَى هَذِهِ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهَا - الَّتِي هِيَ جُحُودُ الْعَارِيَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَوْ سَرِقَةِ أُخْرَى غَيْرَهَا عَلَى قَوْلِ آخَرِينَ - وَكَانَتْ مِنْ أَكْبَرِ الْقَبَائِلِ وَأَشْرَفِ الْبُيُوتِ وَشَفَعَ فِيهَا حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةُ غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ دُخُولَهُ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَهُوَ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ ثُمَّ ضَرَبَ الْمَثَلَ بِسَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ - وَقَدْ بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ - فَقَالَ: {لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدَهَا} . وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُطِعَتْ يَدُهَا تَابَتْ وَكَانَتْ تَدْخُلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْضِي حَاجَتَهَا. فَقَدْ رُوِيَ: {إنَّ السَّارِقَ إذَا تَابَ سَبَقَتْهُ يَدُهُ إلَى الْجَنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ سَبَقَتْهُ يَدُهُ إلَى النَّارِ} . وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ: أَنَّ جَمَاعَةً أَمْسَكُوا لِصًّا لِيَرْفَعُوهُ إلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَلَقَّاهُمْ الزُّبَيْرُ فَشَفَعَ فِيهِ فَقَالُوا: إذَا رُفِعَ إلَى عُثْمَانَ فَاشْفَعْ فِيهِ عِنْدَهُ فَقَالَ: " إذَا بَلَغَتْ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ ". يَعْنِي الَّذِي يَقْبَلُ الشَّفَاعَةَ. {وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute