للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ الدُّخُولَ إلَيْهِ إمَّا لِضِيقِ بَابِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. أَيْ مَكَانًا يَدْخُلُونَ إلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ الدُّخُولُ بِكُلْفَةِ وَمَشَقَّةٍ (لَوَلَّوْا عَنْ الْجِهَادِ {إلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أَيْ يُسْرِعُونَ إسْرَاعًا لَا يَرُدُّهُمْ شَيْءٌ كَالْفَرَسِ الْجَمُوحِ الَّذِي إذَا حَمَلَ لَا يَرُدُّهُ اللِّجَامُ. وَهَذَا وَصْفٌ مُنْطَبِقٌ عَلَى أَقْوَامٍ كَثِيرِينَ فِي حَادِثَتِنَا وَفِيمَا قَبْلَهَا مِنْ الْحَوَادِثِ وَبَعْدَهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي " سُورَةِ مُحَمَّدٍ " صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} أَيْ فَبُعْدًا لَهُمْ {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} وَقَالَ تَعَالَى. {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} فَحَصَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ آمَنَ وَجَاهَدَ. وَقَالَ تَعَالَى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} {إنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} . فَهَذَا إخْبَارٌ مِنْ اللَّهِ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَأْذِنُ الرَّسُولَ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ؛ وَإِنَّمَا يَسْتَأْذِنُهُ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ فَكَيْفَ بِالتَّارِكِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَمَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ وَجَدَ نَظَائِرَ هَذَا مُتَضَافِرَةً عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.