للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّوْبَاتِ فَلَمْ يُدْرِكُوهُمْ إلَّا عِنْدَ عُبُورِ الْفُرَاتِ. وَبَعْضُهُمْ فِي جَزِيرَةٍ فِيهَا. فَرَأَوْا أَوَائِلَ الْمُسْلِمِينَ فَهَرَبُوا مِنْهُمْ وَخَالَطُوهُمْ؛ وَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَهُمْ. وَقِيلَ: إنَّهُ غَرِقَ بَعْضُهُمْ. وَكَانَ عُبُورُهُمْ وَخُلُوُّ الشَّامِ مِنْهُمْ فِي أَوَائِلِ رَجَبٍ بَعْدَ أَنْ جَرَى - مَا بَيْنَ عُبُورِ قازان أَوَّلًا وَهَذَا الْعُبُورُ - رَجَفَاتٌ وَوَقَعَاتٌ صِغَارٌ وَعَزَمْنَا عَلَى الذَّهَابِ إلَى حَمَاةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِأَجْلِ الْغَزَاةِ؛ لَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُونَ غَزْوَ الَّذِينَ بَقُوا. وَثَبَتَ بِإِزَائِهِمْ الْمُقَدَّمُ الَّذِي بِحَمَاةِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْعَسْكَرِ وَمَنْ أَتَاهُ مِنْ دِمَشْقَ وَعَزَمُوا عَلَى لِقَائِهِمْ وَنَالُوا أَجْرًا عَظِيمًا. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ كمانات؛ إمَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ. فَكَانَ مِنْ الْمُقَدَّرِ: أَنَّهُ إذَا عَزَمَ الْأَمْرُ وَصَدَقَ الْمُؤْمِنُونَ اللَّهَ يُلْقِي فِي قُلُوبِ عَدُوِّهِمْ الرُّعْبَ فَيَهْرُبُونَ لَكِنْ أَصَابُوا مِنْ البليدات بِالشَّمَالِ مِثْلَ " تِيزِينِ " وَ " الْفَوْعَةَ " وَ " مَعَرَّةِ مِصْرَيْنِ " وَغَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُونُوا وَطِئُوهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي. وَقِيلَ: إنَّ كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ كَانَ فِيهِمْ مَيْلٌ إلَيْهِمْ؛ بِسَبَبِ الرَّفْضِ وَأَنَّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَرَامِينَ مِنْهُمْ؛ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ ظَلَمَةٌ وَمَنْ أَعَانَ ظَالِمًا بُلِيَ بِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} . وَقَدْ ظَاهَرُوهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ