للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنَ قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمَغُولِ وَالْكَرَجِ وَأَلْقَى بَيْنَهُمْ تَبَاغُضًا وَتَعَادِيًا كَمَا أَلْقَى سُبْحَانَهُ عَامَ الْأَحْزَابِ بَيْنَ قُرَيْشٍ وغطفان وَبَيْنَ الْيَهُودِ. كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَغَازِي. فَإِنَّهُ لَمْ يَتَّسِعْ هَذَا الْمَكَانُ لِأَنْ نَصِفَ فِيهِ قِصَّةَ الْخَنْدَقِ. بَلْ مَنْ طَالَعَهَا عَلِمَ صِحَّةَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي. مِثْلَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيِّ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَسَعِيدِ بْنِ يَحْيَى الْأُمَوِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَائِذٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ والواقدي وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ تَبَقَّى بِالشَّامِ مِنْهُمْ بَقَايَا سَارَ إلَيْهِمْ مِنْ عَسْكَرِ دِمَشْقَ أَكْثَرُهُمْ مُضَافًا إلَى عَسْكَرِ حَمَاةَ وَحَلَبَ وَمَا هُنَالِكَ. وَثَبَتَ الْمُسْلِمُونَ بِإِزَائِهِمْ. وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِكَثِيرِ؛ لَكِنْ فِي ضَعْفٍ شَدِيدٍ وَتَقَرَّبُوا إلَى حَمَاةَ وَأَذَلَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يَقْدَمُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَطُّ. وَصَارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُرِيدُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ فَجَرَتْ مُنَاوَشَاتٌ صِغَارٌ كَمَا جَرَى فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ حَيْثُ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهَا عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيَّ لَمَّا اقْتَحَمَ الْخَنْدَقَ هُوَ وَنَفَرٌ قَلِيلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. كَذَلِكَ صَارَ يَتَقَرَّبُ بَعْضُ الْعَدُوِّ فَيَكْسِرُهُمْ الْمُسْلِمُونَ مَعَ كَوْنِ الْعَدُوِّ الْمُتَقَرِّبِ أَضْعَافَ مَنْ قَدْ سَرَى إلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَمَا مِنْ مَرَّةٍ إلَّا وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مستظهرين عَلَيْهِمْ. وَسَاقَ الْمُسْلِمُونَ خَلْفَهُمْ فِي آخِرِ