وَلِلصَّالِحِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ قَدْرٌ وَعِنْدَهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْضُهُ وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِيهِ؛ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّتُهُمْ وَاَلَّذِي يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ مُتَضَمِّنٌ لِتَرْكِ كَثِيرٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَكْثَرِهَا؛ فَإِنَّهُمْ أَوَّلًا يُوجِبُونَ الْإِسْلَامَ وَلَا يُقَاتِلُونَ مَنْ تَرَكَهُ؛ بَلْ مَنْ قَاتَلَ عَلَى دَوْلَةِ الْمَغُولِ عَظَّمُوهُ وَتَرَكُوهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا عَدُوًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَكُلُّ مَنْ خَرَجَ عَنْ دَوْلَةِ الْمَغُولِ أَوْ عَلَيْهَا اسْتَحَلُّوا قِتَالَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ. فَلَا يُجَاهِدُونَ الْكُفَّارَ وَلَا يُلْزِمُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ بِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ وَلَا يَنْهَوْنَ أَحَدًا مِنْ عَسْكَرِهِمْ أَنْ يَعْبُدَ مَا شَاءَ مِنْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ سِيرَتِهِمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعَدْلِ أَوْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَوْ الْمُتَطَوِّعِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْفَاسِقِ فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ التَّطَوُّعِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَامَّتُهُمْ لَا يُحَرِّمُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ؛ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْهَا سُلْطَانُهُمْ أَيْ لَا يَلْتَزِمُونَ تَرْكَهَا وَإِذَا نَهَاهُمْ عَنْهَا أَوْ عَنْ غَيْرِهَا أَطَاعُوهُ لِكَوْنِهِ سُلْطَانًا لَا بِمُجَرَّدِ الدِّينِ. وَعَامَّتُهُمْ لَا يَلْتَزِمُونَ أَدَاءَ الْوَاجِبَاتِ؛ لَا مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا مِنْ الْحَجِّ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ. وَلَا يَلْتَزِمُونَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ؛ بَلْ يَحْكُمُونَ بِأَوْضَاعِ لَهُمْ تُوَافِقُ الْإِسْلَامَ تَارَةً وَتُخَالِفُهُ أُخْرَى. وَإِنَّمَا كَانَ الْمُلْتَزِمُ لِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الشيزبرون وَهُوَ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ مَا اسْتَفَاضَ عِنْدَ النَّاسِ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَدَخَلُوا فِيهِ وَمَا الْتَزَمُوا شَرَائِعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute