وَقِتَالُ هَذَا الضَّرْبِ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مَنْ عَرَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَعَرَفَ حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ؛ فَإِنَّ هَذَا السِّلْمَ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ وَدِينَ الْإِسْلَامِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. وَإِذَا كَانَ الْأَكْرَادُ وَالْأَعْرَابُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا يَلْتَزِمُونَ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ يَجِبُ قِتَالُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ ضَرَرُهُمْ إلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَكَيْفَ بِهَؤُلَاءِ. نَعَمْ يَجِبُ أَنْ يُسْلَكَ فِي قِتَالِهِ الْمَسْلَكُ الشَّرْعِيُّ مِنْ دُعَائِهِمْ إلَى الْتِزَامِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَةُ إلَى الشَّرَائِعِ قَدْ بَلَغَتْهُمْ كَمَا كَانَ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ يُدْعَى أَوَّلًا إلَى الشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَةُ قَدْ بَلَغَتْهُ. فَإِنْ اتَّفَقَ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ فَهُوَ الْغَايَةُ فِي رِضْوَانِ اللَّهِ وَإِعْزَازِ كَلِمَتِهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ فِيهِ فُجُورٌ وَفَسَادُ نِيَّةٍ بِأَنْ يَكُونَ يُقَاتِلُ عَلَى الرِّيَاسَةِ أَوْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَكَانَتْ مَفْسَدَةُ تَرْكِ قِتَالِهِمْ أَعْظَمُ عَلَى الدِّينِ مِنْ مَفْسَدَةِ قِتَالِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: كَانَ الْوَاجِبُ أَيْضًا قِتَالَهُمْ دَفْعًا لِأَعْظَمِ الْمُفْسِدَتَيْنِ بِالْتِزَامِ أَدْنَاهُمَا؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهَا. وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْغَزْوُ مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْغَزْوُ إلَّا مَعَ الْأُمَرَاءِ الْفُجَّارِ أَوْ مَعَ عَسْكَرٍ كَثِيرِ الْفُجُورِ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute