كَمَا فَعَلَهُ الْآخَرُونَ بَلْ عَامَلُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ بِالشِّدَّةِ وَعَامَلُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَقَالُوا فِي الْمَسِيحِ مَا قَالَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا قَالَهُ الْمَسِيحُ وَالْحَوَارِيُّونَ؛ لَا مَا ابْتَدَعَهُ الْغَالُونَ وَالْجَافُونَ. وَقَدْ أَخْبَرَ الْحَوَارِيُّونَ عَنْ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ أَنَّهُ يُبْعَثُ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ وَأَنَّهُ يُبْعَثُ بِقَضِيبِ الْأَدَبِ وَهُوَ السَّيْفُ. وَأَخْبَرَ الْمَسِيحُ أَنَّهُ يَجِيءُ بِالْبَيِّنَاتِ وَالتَّأْوِيلِ. وَأَنَّ الْمَسِيحَ جَاءَ بِالْأَمْثَالِ. وَهَذَا بَابٌ يَطُولُ شَرْحُهُ. وَإِنَّمَا نَبَّهَ الدَّاعِي لِعَظِيمِ مِلَّتِهِ وَأَهْلِهِ لَمَّا بَلَغَنِي مَا عِنْدَهُ مِنْ الدِّيَانَةِ وَالْفَضْلِ وَمَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَطَلَبِ الْمُذَاكَرَةِ وَرَأَيْت الشَّيْخَ أَبَا الْعَبَّاسِ المقدسي شَاكِرًا مِنْ الْمَلِكِ: مِنْ رِفْقِهِ وَلُطْفِهِ وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَشَاكِرًا مِنْ الْقِسِّيسِينَ وَنَحْوِهِمْ. وَنَحْنُ قَوْمٌ نُحِبُّ الْخَيْرَ لِكُلِّ أَحَدٍ وَنُحِبُّ أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ لَكُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ أَعْظَمَ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِهِ نَصِيحَةُ خَلْقِهِ وَبِذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ وَلَا نَصِيحَةَ أَعْظَمُ مِنْ النَّصِيحَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ وَلَا بُدَّ أَنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُ عَبْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} . وَأَمَّا الدُّنْيَا فَأَمْرُهَا حَقِيرٌ وَكَبِيرُهَا صَغِيرٌ. وَغَايَةُ أَمْرِهَا يَعُودُ إلَى الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ. وَغَايَةُ ذِي الرِّيَاسَةِ أَنْ يَكُونَ كَفِرْعَوْنَ الَّذِي أَغْرَقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute