للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ فِي الْيَمِّ انْتِقَامًا مِنْهُ. وَغَايَةُ ذِي الْمَالِ أَنْ يَكُونَ كقارون الَّذِي خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. لَمَّا آذَى نَبِيَّ اللَّهِ مُوسَى. وَهَذِهِ وَصَايَا الْمَسِيحِ وَمَنْ قَبْلَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ كُلُّهَا تَأْمُرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَالتَّجَرُّدِ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. وَلَمَّا كَانَ أَمْرُ الدُّنْيَا خَسِيسًا رَأَيْت أَنَّ أَعْظَمَ مَا يُهْدَى لِعَظِيمِ قَوْمِهِ الْمُفَاتَحَةُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ: بِالْمُذَاكَرَةِ فِيمَا يُقَرِّبُ إلَى اللَّهِ. وَالْكَلَامُ فِي الْفُرُوعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأُصُولِ. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ دِينَ اللَّهِ لَا يَكُونُ بِهَوَى النَّفْسِ وَلَا بِعَادَاتِ الْآبَاءِ وَأَهْلِ الْمَدَنِيَّةِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْعَاقِلُ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَفِي مَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَيُعَامِلُ اللَّهَ تَعَالَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُظْهِرَ كُلَّ مَا فِي نَفْسِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ: فَيَنْتَفِعُ هُوَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ. وَإِنْ رَأَيْت مِنْ الْمُلْكِ رَغْبَةً فِي الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ كَاتَبْته وَجَاوَبْته عَنْ مَسَائِلَ يَسْأَلُهَا وَقَدْ كَانَ خَطَرَ لِي أَنْ أَجِيءَ إلَى قُبْرُصَ لِمَصَالِحَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا؛ لَكِنْ إذَا رَأَيْت مِنْ الْمَلِكِ مَا فِيهِ رِضَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَامَلْته بِمَا يَقْتَضِيهِ عَمَلُهُ؛ فَإِنَّ الْمَلِكَ وَقَوْمَهُ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَظْهَرَ مِنْ مُعْجِزَاتِ