للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجُزْ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد اخْتَارَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ حَيْثُ يُجَوِّزُونَ الْمُزَارَعَةَ. وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ: قِيَاسُهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَبِذَلِكَ احْتَجَّ أَحْمَد أَيْضًا. قَالَ الكرماني: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ: رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى الْأَكَّارِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَقَرُ وَالْحَدِيدُ وَالْعَمَلُ مِنْ الْأَكَّارِ يَذْهَبُ فِيهِ مَذْهَبَ الْمُضَارَبَةِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْبَذْرَ هُوَ أَصْلُ الزَّرْعِ كَمَا أَنَّ الْمَالَ هُوَ أَصْلُ الرِّبْحِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِمَّنْ لَهُ الْأَصْلُ لِيَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ وَمِنْ الْآخَرِ الْأَصْلُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِهِ - أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ نَفْسًا - أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِي أَرْضَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ كَمَا عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى - إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا بِبَذْرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الزَّرْعِ لِلْمَالِكِ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لَمْ يَجُزْ وَجَعَلُوا هَذَا التَّفْرِيقَ تَقْرِيرًا