لِنُصُوصِهِ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا فِي عَامَّةِ نُصُوصِهِ صَرَائِحَ كَثِيرَةً جِدًّا فِي جَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهَا وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ كَالْمُضَارَبَةِ. فَفَرَّقُوا بَيْنَ بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَبَابِ الْإِجَارَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ - مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ - مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا. أَرَادَ بِهِ: الْمُزَارَعَةَ وَالْعَمَلَ مِنْ الْأَكَّارِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَمُتَّبِعُوهُ: فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ: فَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِلِ بِمَا شُرِطَ لَهُ. قَالَ: فَعَلَى هَذَا مَا يَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ يَسْتَحِقُّهُ بِبَذْرِهِ وَمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ يَأْخُذُهُ بِالشَّرْطِ. وَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَنَّ نَصَّهُ عَلَى الْمُكَارِي بِبَعْضِ الْخَارِجِ هُوَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى أَنْ يَبْذُرَ الْأَكَّارُ: هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يَحْتَمِلُ الْفِقْهُ إلَّا هَذَا أَوْ أَنْ يَكُونَ نَصُّهُ عَلَى جَوَازِ الْمُؤَاجَرَةِ الْمَذْكُورَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَجَوَازُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ مُطْلَقًا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَتَوَجَّهُ غَيْرُهُ أَثَرًا وَنَظَرًا. وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ أَحْمَد الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْهُ وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - قَوْلُ مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَبْذُرَ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute