لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ الشَّامِ وَالْمَغْرِبِ ظُلْمًا كَظُلْمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي الْمُعَامَلَاتِ بِالْخِيَانَةِ وَالْغِشِّ وَجَحْدِ الْحَقِّ وَلِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ ظُلْمِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْفَلَّاحِينَ وَالْأَعْرَابِ وَلِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ الظُّلْمِ الْمَوْضُوعِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِحَالَةُ التَّحْرِيمِ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ أَوْلَى مِنْ إحَالَتِهِ عَلَى الْمَغَانِمِ. الثَّانِي أَنَّ تِلْكَ الْمَغَانِمِ قَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ الْفُقَهَاءِ فِيهَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَذِنَ فِي الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ جَازَ. وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ فَمَنْ أَخَذَ مِقْدَارَ حَقِّهِ جَازَ وَأَنَّ مَنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُمْ. وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ عَنْهُمْ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَمَتَى وَصَلَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِ فِيهِ إثْمٌ. وَهَذَا الْحُكْمُ جَازَ فِي سَائِرِ الغصوب الْمَذْكُورَةِ. وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ دَوَابَّهُ أَوْ عَقَارَهُ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَالْأُجْرَةَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ. سَوَاءٌ عَلِمَ ذَلِكَ الثَّمَنَ وَالْأُجْرَةَ حَلَالًا لِلْمَالِكِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهُ بِأَنْ كَانَ مَسْتُورًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَصَبَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ أَوْ سَرَقَهَا أَوْ قَبَضَهَا بِوَجْهٍ لَا يُبِيحُ أَخْذَهَا بِهِ لَمْ يَجُزْ أَخْذُهَا عَنْ ثَمَنِهِ وَأُجْرَتِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ تَضِيقُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ عَنْ بَسْطِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute