وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: الدِّرْهَمُ كَيْفَ قَبِلَ التَّغَيُّرَ وَصَارَ حَرَامًا بِالسَّبَبِ الْمَمْنُوعِ وَلَمْ يَقْبَلْ التَّغَيُّرَ فَيَصِيرُ حَلَالًا بِالسَّبَبِ الْمَشْرُوعِ. فَيُقَالُ لَهُ: بَلْ قَبِلَ التَّغَيُّرَ فِيمَا حُرِّمَ لِوَصْفِهِ؛ لَا بِمَا حُرِّمَ لِكَسْبِهِ. فَالْأَوَّلُ مِثْلُ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَصِيرًا لَمْ تَصِرْ حَلَالًا طَاهِرًا فَلَمَّا تَخَمَّرَتْ كَانَتْ حَرَامًا نَجِسًا؛ فَإِذَا تَخَلَّلَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِتَخْلِيلِهَا كَانَتْ خَلَّ خَمْرٍ حَلَالًا طَاهِرًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا قَصَدَ تَخْلِيلَهَا. وَتَنَازَعُوا فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَالْخِنْزِيرِ إذَا صَارَ مِلْحًا وَالنَّجَاسَةِ إذَا صَارَتْ رَمَادًا. فَقِيلَ: لَا يَطْهُرُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَ " الثَّانِي " مِثْلُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ هُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ قُبِضَ بِالظُّلْمِ فَإِذَا قُبِضَ بِحَقٍّ أُبِيحَ: مِثْلَ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْ يَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ يَبِيعَهُ مِنْهُ أَوْ يَقْبِضَهُ الْمَالِكُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ. ثُمَّ الْغَاصِبُ إذَا أَعْطَاهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ كَانَ قَبْضُهُ بِحَقِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْهُ مَا لَا يَعْلَمُ كَذَلِكَ بَيَّنَ قَبْضَهُ مِنْ الْقَابِضِ بِحَقِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الضَّمَانِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute