إنْ تُجْعَلَ هَذَا كَهَذَا فَيُنْفِقُونَهُ وَيُعَامِلُونَ بِهِ النَّاسَ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْغِشِّ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَوَجَدَهُ مَبْلُولًا. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ - يَعْنِي الْمَطَرَ - فَقَالَ هَلَّا وَضَعْت هَذَا عَلَى وَجْهِهِ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا} وَقَوْلُهُ: {مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا} كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ فِي كُلِّ غَاشٍّ. وَأَهْلُ الْكِيمْيَاءِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ غِشًّا؛ وَلِهَذَا لَا يُظْهِرُونَ النَّاسَ إذَا عَامَلُوهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ الْكِيمْيَاءِ وَلَوْ أَظْهَرُوا لِلنَّاسِ ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرُوهُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ يُرِيدُ غِشَّهُمْ. وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ غِشِّهِ وَإِنْ بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَغْشُوشٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُشَابَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ وَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ لِلشُّرْبِ} وَبَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَنْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْكِيمْيَاءُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الْغِشِّ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ عَمَلُهَا وَلَا بَيْعُهَا بِحَالِ. مَعَ أَنَّ النَّاسَ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ الْكِيمْيَاءِ لَمْ يَشْتَرُوهُ. وَلَوْ قِيلَ لَهُمْ: إنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى الروباص أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ الْقُلُوبُ مَفْطُورَةٌ عَلَى إنْكَارِ ذَلِكَ. وَالْوُلَاةُ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَجِدُونَهُ يَعْمَلُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مِمَّنْ يَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُنْكِرَهُ فِي الظَّاهِرِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute