لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ فِي فِطْرِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا تَجِدُ مَنْ يُعَانِي ذَلِكَ إلَّا مُسْتَخْفِيًا بِذَلِكَ أَوْ مُسْتَعِينًا بِذِي جَاهٍ وَعَلَى أَصْحَابِهِ مِنْ الذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ وَسَوَادِ الْوُجُوهِ: مَا عَلَى أَهْلِ الْفِرْيَةِ وَالْكَذِبِ وَالتَّدْلِيسِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} . قَالَ أَبُو قلابة: هِيَ لِكُلِّ مُفْتَرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ فِرْيَةٍ وَغِشٍّ وَتَدْلِيسٍ فِي الدِّينِ وَكِلَاهُمَا مِنْ الْمُفْتَرِينَ. وَأَمَّا الْقُدَمَاءُ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الصِّنَاعَةَ لَا تَعْمَلُ عَمَلَ الطَّبِيعَةِ وَأَخْبَرُوا أَنَّ الْمَصْنُوعَ لَا يَكُونُ كَالْمَطْبُوعِ وَلِهَذَا كَانَ الْمُصَنِّفُونَ مِنْهُمْ فِي الْكِيمْيَاءِ إذَا حَقَّقُوا قَالُوا: لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا إنَّمَا هُوَ التَّشْبِيهُ فَالطَّرِيقُ فِي التَّشْبِيهِ كَذَا وَكَذَا. فَيَسْلُكُونَ الطُّرُقَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّشْبِيهُ وَهِيَ مَعَ تَنَوُّعِهَا وَكَثْرَتِهَا وَوُصُولِ جَمَاعَاتٍ إلَيْهَا وَاتِّفَاقِهِمْ فِيهَا: عُسْرَةٌ عَلَى أَكْثَرِ الْخَلْقِ كَثِيرَةُ الْآفَاتِ وَالْمُنْقَطِعُ عَنْ الْوُصُولِ أَضْعَافُ الْوَاصِلِينَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فَجَمَاهِيرُ مَنْ يَطْلُبُ الْكِيمْيَاءَ لَا يَصِلُ إلَى الْمَصْنُوعِ الَّذِي هُوَ مَغْشُوشٌ بَاطِلٌ طَبْعًا مُحَرَّمٌ شَرْعًا؛ بَلْ هُمْ يَطْلُبُونَ الْبَاطِلَ الْحَرَامَ وَيَتَمَنَّوْهُ وَيَتَحَاكَوْنَ فِيهِ الْحِكَايَاتِ وَيُطَالِعُونَ فِيهِ الْمُصَنَّفَاتِ وَيُنْشِدُونَ فِيهِ الْأَشْعَارَ وَلَا يَصِلُونَ إلَى حَقِيقَةِ الْكِيمْيَاءِ - وَهُوَ الْمَغْشُوشُ - بِمَنْزِلَةِ اتِّبَاعِ الْمُنْتَظَرِ الَّذِي فِي السِّرْدَابِ وَاتِّبَاعِ رِجَالِ الْغَيْبِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute