وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ مِنْ أَحْمَد فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ؛ قَدْ يُقَالُ هِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ. أَوْ يَكُونُ إذَا أَخَّرَ الْقَبْضَ. وَهَذَا الثَّانِي أَشْبَهُ بِأُصُولِ أَحْمَد وَنُصُوصِهِ وَهُوَ مُوجِبُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمَكِيل بِمَكِيلٍ أَوْ الْمَوْزُونَ بِمَوْزُونٍ اشْتَرَطَ فِيهِ الْحُلُولَ وَالتَّقَابُضَ، فَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَعَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ هِيَ التَّمَاثُلُ وَهُوَ مَكِيلُ جِنْسٍ أَوْ مَوْزُونُ جِنْسٍ. فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ. وَالشَّعِيرِ وَالْمِلْحِ بَعْضُهُ بِبَعْضِ نَسَاءً لَا يَجُوزُ. فَمَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ التَّمَاثُلَ - وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ أَوْ الطَّعْمُ أَوْ مَجْمُوعُهُمَا - حَرَّمَ النَّسَاءَ فِيمَا جَمَعَهُمَا عِلَّةً وَاحِدَةً. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ هِيَ رِوَايَاتٌ عَنْ أَحْمَد. فَالتَّمَاثُلُ وَهُوَ مَكِيلُ جِنْسٍ أَوْ مَوْزُونُ جِنْسٍ: هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالطَّعْمُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَمَجْمُوعُهُمَا قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ. وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ المقدسي. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا وَهُوَ الْقُوتُ وَمَا يُصْلِحُهُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَدَيْنُ السَّلَمِ وَغَيْرُهُ مِنْ الدُّيُونِ إذَا عُوِّضَ عَنْهُ بِمَكِيلٍ وَجَبَ قَبْضُهُ فِي مَجْلِسِ التَّعْوِيضِ. وَكَذَلِكَ الْمَوْزُونُ إذَا عُوِّضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute