للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَتَى بِشَرِيعَةِ عَمَلِيَّةٍ هِيَ أَفْضَلُ شَرَائِعِ الْعَالَمِ وَيَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَعْ الْعَالَمَ نَامُوسٌ أَفْضَلُ مِنْ نَامُوسِهِ وَلَا أَكْمَلُ مِنْهُ. فَإِنَّهُمْ رَأَوْا حُسْنَ سِيَاسَتِهِ لِلْعَالَمِ وَمَا أَقَامَهُ مِنْ سُنَنِ الْعَدْلِ وَمَحَاهُ مِنْ الظُّلْمِ. وَأَمَّا الْأُمُورُ الْعِلْمِيَّةُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا - مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ وَأَسْمَائِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ - فَلَمَّا رَأَوْهَا تُخَالِفُ مَا هُمْ عَلَيْهِ صَارُوا فِي الرَّسُولِ فَرِيقَيْنِ. فَغُلَاتُهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ هَذِهِ الْمَعَارِفَ؛ وَإِنَّمَا كَانَ كَمَالِهِ فِي الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ. الْعِبَادَاتُ وَالْأَخْلَاقُ. وَأَمَّا الْأُمُورُ الْعِلْمِيَّةُ: فَالْفَلَاسِفَةُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ؛ بَلْ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ عَلِيًّا كَانَ فَيْلَسُوفًا وَأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِالْعِلْمِيَّاتِ مِنْ الرَّسُولِ وَأَنَّ هَارُونَ كَانَ فَيْلَسُوفًا وَكَانَ أَعْلَمَ بِالْعِلْمِيَّاتِ مِنْ مُوسَى. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُعَظِّمُ فِرْعَوْنَ وَيُسَمُّونَهُ أَفْلَاطُونَ الْقِبْطِيَّ وَيَدَّعُونَ أَنَّ صَاحِبَ مَدْيَنَ الَّذِي تَزَوَّجَ مُوسَى ابْنَتَهُ - الَّذِي يَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ إنَّهُ شُعَيْبٌ - يَقُولُ هَؤُلَاءِ: إنَّهُ أَفْلَاطُونُ أُسْتَاذُ أَرِسْطُو وَيَقُولُونَ: إنَّ أَرِسْطُو هُوَ الْخَضِرُ - إلَى أَمْثَالِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا ذُو الْجَلَالِ. أَقَلُّ مَا فِيهِ جَهْلُهُمْ بِتَوَارِيخِ الْأَنْبِيَاءِ. فَإِنَّ أَرِسْطُو بِاتِّفَاقِهِمْ كَانَ وَزِيرًا