للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْإِسْكَنْدَرِ بْنِ فيلبس الْمَقْدُونِيِّ الَّذِي تُؤَرِّخُ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى التَّارِيخَ الرُّومِيَّ. وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ. وَقَدْ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا هُوَ " ذُو الْقَرْنَيْنِ " الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ أَرِسْطُو كَانَ وَزِيرًا لِذِي الْقَرْنَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا جَهْلٌ. فَإِنَّ هَذَا الْإِسْكَنْدَرَ بْنَ فيلبس لَمْ يَصِلْ إلَى بِلَادِ التُّرْكِ وَلَمْ يَبْنِ السَّدَّ وَإِنَّمَا وَصَلَ إلَى بِلَادِ الْفُرْسِ. وَذُو الْقَرْنَيْنِ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ وَصَلَ إلَى شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا وَكَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى هَذَا يُقَالُ: إنَّ اسْمَهُ الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ دَارَا وَكَانَ مُوَحِّدًا مُؤْمِنًا؛ وَذَاكَ مُشْرِكًا: كَانَ يَعْبُدُ هُوَ وَقَوْمُهُ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ وَيُعَانُونَ السِّحْرَ كَمَا كَانَ أَرِسْطُو وَقَوْمُهُ مِنْ الْيُونَانِ مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَيُعَانُونَ السِّحْرَ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ وَأَخْبَارُهُمْ مَشْهُورَةٌ وَآثَارُهُمْ ظَاهِرَةٌ بِذَلِكَ. فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: بَيَانُ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ الْبَاطِنِيَّةُ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَ (الْفَرِيقُ الثَّانِي مِنْهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الرَّسُولَ كَانَ يَعْلَمُ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ وَيَعْرِفُ أَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ وَأَنَّهُ لَا يَرَى وَلَا يَتَكَلَّمُ وَأَنَّ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ وَأَنَّ الْأَبْدَانَ لَا تَقُومُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ مَلَائِكَةٌ هُمْ أَحْيَاءٌ نَاطِقُونَ يَنْزِلُونَ بِالْوَحْيِ