للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُفَسَّرًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَغَيْرِهِ عَنْ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرُونَ الْأَرْضَ وَيَشْتَرِطُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا. كَمَا تَنْبُتُ الماذيانات وَالْجَدَاوِلُ فَرُبَّمَا سَلِمَ هَذَا وَلَمْ يَسْلَمْ هَذَا. وَلِهَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُخَابَرَةِ أَمْرٌ إذَا نَظَرَ فِيهِ ذُو الْبَصَرِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَهَذَا مِنْ فِقْهِ اللَّيْثِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الشَّافِعِيِّ: كَانَ اللَّيْثِ أَفْقَهَ مِنْ مَالِكٍ. فَإِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِقٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ أَنْ يُشْتَرَطَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الرِّبْحِ. وَالشَّرِكَةُ حَقُّهَا الْعَدْلُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا لَهُمَا مِنْ الْمَغْنَمِ وَعَلَيْهِمَا مِنْ الْمَغْرَمِ. فَإِذَا خَرَجَتْ كَانَ ظُلْمًا مُحَرَّمًا. وَأَيْنَ مَنْ يَجْعَلُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مُوَافِقًا لِلْأُصُولِ إلَى مَنْ يَجْعَلُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ. وَمَنْ أَعْطَى النَّظَرَ حَقَّهُ عَلِمَ أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ هَذِهِ الْمُخَابَرَةِ وَمِنْ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ بِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ وَمَا عَمِلَ بِهِ الصَّحَابَةُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ: كُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ. وَأَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُؤَجَّرَاتِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَنَقُولُ: مَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا سَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ بِجُزْءِ مِنْ الثَّمَرَةِ كَانَ كَمَا إذَا زَارَعَهُ