وَغَيْرُهُ مِنْ الْآفَاتِ الْمَانِعَةِ مِنْ كَمَالِ الِانْتِفَاعِ بِالزَّرْعِ. يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي هُوَ شَقُّ الْأَرْضِ وَإِلْقَاءُ الْبَذْرِ حَتَّى يُقَالَ: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ جَمِيعِهَا وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ مَا يُفْسِدُ الزَّرْعَ وَيَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنْتَقَضٌ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَفْسُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَانْتِفَاعُهُ بِهَا لَيْسَ هُوَ فِعْلَهُ؛ فَإِنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ هُوَ مَنْفَعَةً لَهُ وَلَا فِيهِ انْتِفَاعٌ لَهُ؛ بَلْ هُوَ كُلْفَةٌ عَلَيْهِ وَتَعَبٌ وَنَصَبٌ يَذْهَبُ فِيهِ نَفْعُهُ وَمَالُهُ. وَهَذَا بِخِلَافِ سُكْنَى الدَّارِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ؛ فَإِنَّ نَفْسَ السُّكْنَى وَالرُّكُوبِ انْتِفَاعٌ وَبِذَلِكَ قَدْ نَفَعَتْهُ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ. وَأَمَّا شَقُّ الْأَرْضِ فَتَعَبٌ وَنَصَبٌ وَإِلْقَاءُ الْبَذْرِ إخْرَاجُ مَالٍ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا يَرْجُوهُ مِنْ انْتِفَاعِهِ بِالنَّفْعِ الَّذِي يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْإِنْبَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} وَقَالَ: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} وَقَالَ: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} {وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} . وَلَيْسَ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ إنْبَاتَ الْأَرْضِ لَيْسَ مَقْدُورًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute