للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ وَسَائِرِ الْعُقَلَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَقْصُودَ بِالْإِجَارَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِ أَحَدِ المتآجرين؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ غَيْرُهُمَا مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ جَمَادٍ وَإِنْ كَانَا عَاجِزَيْنِ عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ: مِثْلَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَنَفَعَهَا هُوَ بِاخْتِيَارِهَا. وَمِثْلَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ دَارًا لِلسُّكْنَى وَنَفْسُ الِانْتِفَاعِ بِهَا هُوَ بِمَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤَجِّرِ. وَكَذَلِكَ جَرَيَانُ الْمَاءِ مِنْ السَّمَاءِ وَنَبْعُهُ مِنْ الْأَرْضِ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَقْدُورِ أَحَدِهِمَا. وَكَذَلِكَ إذَا آجَرَهُ مَنْقُولًا مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُتُبٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ آلَةِ صِنَاعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِ الْمُؤَجِّرِ. وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. فَكَذَلِكَ نَفْعُ الْأَرْضِ الَّذِي يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِيهَا حَتَّى يَنْبُتَ الزَّرْعُ بِتُرَابِهَا وَمَائِهَا وَهَوَائِهَا وَشَمْسِهَا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ لَا يَدْخُلُ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ - هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا تَلِفَ هَذَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ بَطَلَ بَعْضُهُ كَانَ كَمَا لَوْ تَعَطَّلَ مَنْفَعَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ بَلْ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ أَوْ نَقْصُ الْأُجْرَةِ هُنَا أَوْلَى مِنْهُ فِي جَوَائِحِ الثَّمَرِ. فَإِنَّ الَّذِينَ تَنَازَعُوا هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ حُجَّتُهُمْ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَلِفَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَ