أَدَّاهُ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَهَكَذَا جَمِيعُ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُعْطِي مُخْتَارًا فَكَيْفَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى أَدَاءِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ الظَّالِمَ الْقَادِرَ إذَا لَمْ يُعْطِهِ الْمَطْلُوبَ الَّذِي طَلَبَهُ مِنْهُ ضَرَّهُ ضَرَرًا عَظِيمًا؛ إمَّا بِعُقُوبَةِ بَدَنِيَّةٍ وَإِمَّا بِأَخْذِ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ أَعْظَمُ الضَّرَرَيْنِ بِالْتِزَامِ أَدْنَاهُمَا فَلَوْ أَدَّى الْغَيْرُ عَنْهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ فَكَيْفَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْأَدَاءِ عَنْهُ. وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ الطَّلَبُ مِنْ الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَمْتَنِعَ مِمَّا عَلَيْهِ امْتِنَاعًا يَسْتَلْزِمُ تَكْثِيرَ الظُّلْمِ عَلَى غَيْرِهِ. وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَى جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ: كَلٌّ يُؤَدِّي قِسْطَهُ الَّذِي يَنُوبُهُ إذَا قُسِمَ الْمَطْلُوبُ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ. وَمَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ قِسْطَهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ مُحْسِنًا إلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ عَنْهُ وَمُبَاشَرَةِ الظَّالِمِينَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ الْمُبَاشِرَ يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَالْغَالِبُ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ فِي مَالِهِ فَقَطْ فَإِذَا أَدَّى عَنْهُ لِئَلَّا يَحْضُرَ كَانَ مُحْسِنًا إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا أَدَّاهُ عَنْهُ كَمَا يُوَفِّي الْمُقْرِضَ الْمُحْسِنُ؛ فَإِنَّ جَزَاءَ الْقَرْضِ الْوَفَاءُ وَالْحَمْدُ وَمَنْ غَابَ وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى أَدَّى عَنْهُ الْحَاضِرُونَ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ قَدْرَ مَا أَدَّوْهُ عَنْهُ وَيُلْزَمُ بِذَلِكَ وَيُعَاقَبُ إنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ وَيَطِيبُ لِمَنْ أَدَّى عَنْهُ أَنْ يَأْخُذَ نَظِيرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ كَمَا يَأْخُذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute